1
هناك توازنات عديدة يجب أن
نسعى لتحقيقها إسلاميا ، وأقلها إيجاد الإطار الأكبر لإحتواء كل العاملين في
الحقل الإسلامي مهما كان مستوى فهوماتهم ..والذي لن ينجح دون التوحد على العمل ، لا توحيد الكتب أو الإيديولوجيات. ..
وهذا مفتاحنا المبين، لكننا لم نحقق بعد هذا التوازن الأدنى نتيجة شرودنا عن جواهر ديننا معاملة وفهما وشريعة..
وبسبب إنشطارنا لأحزاب متصلبة على اجتهاداتها ..
زيادة على مآسي العلمانية التي كرست كل هذا اللاتوازن بفرض الثقافات الدخيلة مهما تنافت مع مبادئنا وقيمنا وعقيدتنا بل وشرفنا وعرضنا كأمة رسالة..
2
ولتعطي بدور التغريب
والإستشراق فوق ما تصوره أعداء الأمة من ثمار :فالإستشراق حرف الحقائق ، والتغريب طمس القيم بثقافات الإنحلال والميوع لحد البهيمية التي لايرضاها مسلم لمسلم ..
وأمتنا شاردة :
فلا هي باليهودية ولا هي بالنصرانية ولا هي بالمسلمة الحقة علميا وعمليا..
3
فأين الهوية ؟ وأين العروبة المسلمة؟
وأين الحياة الإسلامية؟
بل وأين حتى مجرد الحلم بالأمة ؟
فقد ضعنا بين الأمم المتكالبة علينا كما أخبر رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم : يوشك أن تتداعى عليكم الأمم كما تتداعى الأكلة إلى قصعتها..أخرجه أبو داوود ، كما روي عن ثوبان وعن أبي هريرة....
فلقد إنحطت هممنا ..وشتت جمعنا .. وعطل قرآننا..وفسق شبابنا ..وتبرجت نساؤنا ..ورذلت أخلاقنا ..وأضعنا صلواتنا ..ومنعنا زكواتنا..وأهين فقراؤنا ..وطغى أغنياؤنا ..وتميعت أفكارنا.. وانتفخـت بطوننا ..وهزلت قواتنا ..واختلفت قلوبنا..ووووو.
فكيف لا يحيد حكامنا؟
وكيف لايفتك الشيطان وعبدته بنا؟
بل وكيف كل العالم لايهيننا ؟
4
وهذا منذ شرودنا عن هممنا ، ثم إحساننا فإيماننا ، و بعد تمكن العلمانوية كأداة هدم لمذهبيتنا ..
ولتشوه الإسلاموية والتسلفية والتصوفية الوجه الحقيقي لديننا وحضارتنا..
بل ولنبتعد عن كل بديلنا بإستراتيجيات دولية خفية وعلنية ، وبكل واقعية وللأسف :
فإبتعدنا رويدا رويدا عن نهجنا القويم ، وبالسيف والقلم ..:
ضاربين عرض وجوهنا العديد من آيات قرآننا ، والعديد من أحاديث نبينا عليه الصلاة والسلام. لحد إنكار الحاكمية الإسلامية كلها ..
وبكل جهالة بها ..
فلكل حكم نسبة جهالة تزيد وتنقص حسب ابتعاده على منهاج الله تعالى سبحانه علميا وعمليا ..
ولا نجمع هنا بين الحكم الجاهلي والعلمانية بصفة مطلقة ، بل نعترف بكل إيجابياتها ، لكن بتطبيب علمي لكل سلبياتها ..
فالمدارس العلمانية ليست كلها بواطل.. ولها ما لها كما أن عليها ما عليها ..
5
ولهذا نعترف بأن تفتح المسلمين على علومها عمق الفهم
حتى في نصوص القرآن الكريم ، وهذا لأن المسلم الحق لاينكر الحق مهما يكن
منبعه..
خذ الحكمة ولو من أفواه السفهاء ..
بل والحكمة ضالة المومن أينما وجدها فهو أحق بها:
فالتفتح
إذن على ثقافة الآخر له حسناته ، لكن هذا التفتح يلزمنا الرشاد والحذر، عكس
الذين لم يأخذوا من الغرب إلا ثقافة الميوعة والإنحلال والتنكر للقيم
والمبادئ باسم الحريات المغلوطة ، والديمقراطيات المسمومة.. والتي أودت إلى كل أمراضنا الأخلاقية وعهاراتها الفكرية لحد وءد شريعتنا الغراء علمانويا وعلمويا ..
الأوبئة التي لن يتم شفاؤِنا منها إلا بمداواة أنفسنا بقوله تعالى أولا :
إن الله لايغير مابقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم .:الرعد 11
6
فالرجوع إذن إلى أخلاق الإسلام يعد أكبر مفتاح لكل أزماتنا ..
لأن التغيير يبدأ بتغيير جوهر الإنسان :
والذي لن يتغير إلا بتربية القلب وتهذيب السلوك وتنمية الفكروتقوية الجسد وتزكية الروح وتطهير الفؤاد وتخليق كل البيئة ، وبمنهجية إسلامية عملية حقا علمية..
فالعلمية الحقة كلها إسلام..
وبناء الإنسان يعني بناء المجتمع كله ، ومهما إشتدت الأزمات .
مع الحذر من الوقوع في منحدرات التغيير الذي يجب أن يكون صوب الأحسن ..لا إلى الفتنة وهدم تماسك المسلمين كما هي كوارث خريفنا العربي ..
ولا كما يعتقد بعضنا ...:
ممن سقطوا في جريمة الإنتصار للقناعات، وأصبحوا يدافعون على أنفسهم بالإسلام وعلى مصالح أحزابهم وربما مصالحهم بإسم المذهبية الإسلامية ، ليجرأوا وبكل جهالة على نكران كل تاريخنا وهدم كل حضارتنا كأمة ، وبالتالي هدم كل تماسكنا كمسلمين :
ففرق كبير بين الدفاع على الإسلام بنا ..وبين الدفاع
بالإسلام علينا...
7
ولهذا فإن النية في العمل الإسلامي جد صعبة ، وربما رتبت صاحبها في مزالق النفاق والرياء لاقدر الله ...
وهاته النية لن تكون خالصة من الشوائب إلا بتربية ربانية حقة.. وفقه سليم.. ووعي كبير بالواجب قبل النداء بالحقوق ..
الأمر الذي يستلزم:
فقها كبيرا بالواقع..
ورؤِيا حضارية واعية ..
وتربية فكرية وقلبية سميكة..
وخصوصا وأن الإسلام غير منحصر في دولة معينة حتى تصدر إيديولوجيتها ضد كل ما سواها، وتضاد كل ما سوى مذهبها ..
فما من قارة إلا وللمسلمين فيها أقلية في بلدانها ..
مما يلزمنا التسطير على خاصية العالمية وكذلك خاصية التميز في العمل الإسلامي ، واللتان تنفيان الفردية والعرقية والقبلية مهما قبلت الوطـنية والإستراتيجيات الخاصة حسب معطيات كل بلد..
ودون إقصاء لأي تيار ، ففهمهنا ليس بحقائق مطلقة..
ولكل مذهب تاريخه وجغرافيته ..
8
فأمتنا أمة رسولة يجب أن تبلغ كنز الإسلام الذي تمتلكه لكل العالمين، وبكل تماسك وبكل حكمة وبكل تدافع وكل رحمة...
والواجب واجبنا جميعا ، ومن الحكام حتى أي مسلم ..
لكننا لازلنا لم نفلح حقا في تبليغ الخيرات الربانية لغير المسلمين، حتى قال ينتقدنا أحد الغربيين بعد أن أسلم : لقد علمنا العرب كل العلوم وحتى التكنولوجيا في حين لم يفلح العرب في تعليمنا حتى دينهم ..
وهذاعكس أمتنا الأولى التي استطاعت أن تهدي هاته البركات لحد الفتوحات ، ولحد قيام إمبراطورية إسلامية لا تغرب عن أطرافها الشمس ، وذلك لإيمانها بالرسالة التي تأبطـتها كخير أمة كما يملي قوله تعالى :
كنتم خير أمة أخرجت للناس تامرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتومنون بالله ..آل عمران 110
9
فالأمر بالمعروف
والنهي عن المنكر فرضان على كل مسلم ، وآلة متحركة لنقدنا الذاتي علميا وعمليا، مما يجعل
كل المسلمين مأمورين بمغالبة كل المناكر وبمؤازرة المعروف وكل أهله، ولكن بكل معروف ودون أي منكر أوعنف شيطاني ..وإلا فلا خيرية للعالمين منا كأمة ..
ولا يستطيع هذا إلا أهل الإيمان واليقين ..
فالإيمان الحق لايمكن أبدا أن يكون سلبيا أمام كل أنواع البواطل والشرور والمناكر ..
ولا ينحصر هذا التبليغ فينا كأفراد فقط ، بل يلزم هذا كل هيئاتنا الرسمية والمدنية وكذا كل حكوماتنا وبكل هيئاتها وقممها..
10
فكيف لاننهى عن المنكرفرديا ومحليا
ووطـنيا وعالميا؟؟ ونترك هذا للصحافة الخبرية في الوقت الذي تتقمص فيه إسرائيل بأمريكا دور شرطي العالم ..
وبافتراء كبير على أن لها العدالة المطلقة للهيمنة على جل المؤسسات الدولية والعالمية..
ولتفرض الديمقراطية بكل مساوئها ، وبكل دهاء ومكرعلى كل شعوبنا ..
وهدفها الخفي : الإستعمار السياسي لكل العالم ، وللعالم المسلم خصوصا ..
وبمنطلقات صهيونية.. وإيعاز محكم من إسرائيل ...
نحو إستعمار إسرائيلي مباشر ..
ونحو دجالهم الأعور .. وللأسف:
11
وهاهي ذي اليوم وقد استعمرتنا
لا مباشرة تهدد حكامنا جميعا وتكيل بمكيالين ، واصفة بالإرهاب كل من رأت فيهم صلابة في أصوليتهم..حتى أصبح العديد من المسلمين أنفسهم لايفرقون بين الإرهاب والأصولية ، في العصر الذي نرى فيه أن جهادنا المشروط بعدم المس بالأبرياء واجب ضد كل من يحتل أراضينا ويحارب ديننا ويدجن قضايانا لحد أن حق الفيتو لم يرفع غالبا إلا ضد الحقوق الإسلامية ...
وهذا أمر قرآني كما بقوله سبحانه :
وأعدوا لهم مااستطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم :الأنفال 60
فسلاحنا اليوم وباعتراف العالم كله في قوله تعالى :
لأنتم أشد رهبة في صدورهم من
الله....:الحشر 13
فالتسلح إذن ترهيب واستعداد..
لكن ليس هو كل الجهاد...
12
وليرهب اليوم الغرب كل الأصوليين كخطوة كبرى نحو الدمار .. بل وليرهب كل حكامنا مهما سلسوا معه :
لذا وجب وعي حكامنا :
بأن مبدئية الشعوب هي الحامية لهم مستقبلا لا عمالاتهم للقوى المهيمنة ..
لكن أيننا من هاته المبدئية قمة وقاعدة ؟فهناك شعوب لا تعرف إلا المتعة والميوعة والمصالح الذاتية..
مما يجعلها عاجزة على إستقلالية قراراتها حاضرا ومستقبلا ، بل وتفضل المحتل على قادتها كما نرى حاليا.
13
فلا بد
لقادتنا إذن من دراسة سميكة لعلاقتهم بشعوبهم قبل الخارج .. فمعظم حكامنا تنافقهم الشعوب خوفا أو مصلحة :
كما حال صدام الذي كان الشعب يقبل يديه وبعدها يفرح مهللا بإعدامه..
فكل حكامنا اليوم أمام خطر مزدوج :
خطر الشعوب المأزمة والقابلة للثورة كلما سنحت لها الظروف..
ثم خطر الأطماع الإمبريالية الخارجية.
وهذه جملة تنبأنا بها قبل الخريف العربي ..
14
فالجهاد على
المستوى الداخلي بالإصلاح بالمبادئ لا بالمصالح فقط ..ثم التدافع العلمي الفقهي على مستوى المؤسسات الدولية ..
ولو بلغة علمانية..
يعدان من أعظم حسنات أولياء أمورنا ..
وإلا فلن يفلت معظم حكامنا من تمرد شعوبهم ومن عمالتهم للقوى العظمى عنوة ..
إذ نعيش حقبة الديماغوجيات والإيديولوجيات والسياسات الإستكبارية العالمية :
والتي تزرعها الصهيونية والماسونية البوهيمية الإبليسية في خفاء، ليدافع عليها الغرب بكل علانية وبكل دهاء ، وحتى وهم يرفعون شعار :
حوار الأديان السماوية وسموم التصوفات الوضعية..
وبتخطيط سري كبير لنسف فقهيات إسلامنا بثقافاتهم المدسوسة ، بل وكل دياناتهم.
بل والإملاءات العالمية اليوم وللأسف صارت من التلمود مباشرة..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق